موقع خريستو المرّ
Arabic | English
  • الصفحة الرئيسة
  • كتب
  • محاضرات
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة

مدوّنة الثلاثاء

الخطيئةُ إدارةُ الظَهر للمحبّة

9/24/2019

0 Comments

 

الخطيئةُ إدارةُ الظَهر للمحبّة
 الثلاثاء ٢٤ أيلول/سبتمبر ٢٠١٩​

تُفَسَّر (أو تُسْتَشعرُ) الخطيئة أحيانا على أنّها مخالفة لوصايا الله. هذا صحيح فقط على المستوى الشكليّ للأمور. فوصايا الله ليست أوامرٌ ونواهٍ وفروضٌ عبثيّة أرادها الإله شرطا لدخول الإنسان ملكوته الآتي؛ فبضوء وجه المسيح بدّد الله العتمات التي رافقت تصوّرات البشريّة عنه - وإن كانت ما تزال هذه التصوّرات منتشرة بين أتباع يسوع ويلزمهم أن يتجاوزوها متأمّلين بوجهه - وظهر أنّه ذاك المُحِبُّ الساعي أبدا وراء حبيبه الإنسان لأنّه يريد أن يتّحد به ليصير شريكه في الألوهة والفرح، ولهذا لم يتوانى الإله من أن يتأنّس كي يفتح للناس باب التألّه فيغدون "شركاء الطبيعة الإلهيّة" (٢ بطرس ١: ٤)، وهو ما عبّر عنه أثناسيوس الاسكندريّ (٢٩٦-٣٧٣) بقوله "أنّ الإله صار إنسانا ليصير الإنسان إلهًا". هذه المحبّة التي تتجاوز التصوّر، والتي تجلّت بالمسيح، دفعت يوحنّا الذي عاين وشهد للقول بأنّ "الله محبّة"(١ يوحنّا ٤: ٨)، فقد أدرك بعمق أنّنا نحبّ الله "لأنّه هو أحبّنا أولاً"، هو البادئ بالمحبّة، والممتدّ إلينا محبّةً، كي نمتدّ به وفيه، إلى ما لا نهاية، جسدا للمسيح.
"وصيّة جديدة أوصيكم، أن تحبّوا بعضكم بعضًا. كما أنا أحببتكم" (يو ١٣: ٣٤)؛ كلّ الوصايا تنبع من هذه الوصيّة، وهذه الوصيّة ليست شرطًا اعتباطيّا مفروضًا لدخول الملكوت. القضيّة هي أنّ الإله هو محبّة، أي نمط حياته الله هي المحبّة، وهو لذلك خلقنا ووضع فينا القدرة على المحبّة والحرّية والعقل والقدرة على الخلق ("على صورته") وجعلنا توّاقين بطبيعتنا لأن ننمو بهذه الطاقات كلّها (كي نصير على "مثاله") فنفرح، محقّقين ذواتنا الفريدة في وحدة تجمعنا كبشر وخليقة، مع بعض ومعه. مُعطى أنّ الله محبّة يعني أنّنا لا يمكننا أن نحقّق توقنا لنصير على "مثاله" ومعه، إلاّ بأن نحبّ كي نشارك بنمط حياته الإلهيّة. ومن هنا فإنّ وصاياه - التي تصبّ كلّها في هذه الغاية: أن نحبّ – ليست أوامر صمّاء عمياء وشروطًا خارجيّة، وإنّما هي إشارات إلى أوضاعنا الداخليّة، إلى طبيعتنا، إلى الطريق الذي يمكننا أن نسلكه لنكون ذواتنا في كمالها وفرحها.
من هنا، فإنّ معنى كلمة " الخطيئة" في اليونانيّة (لغة الكنيسة الأولى) هو: إخطاء الهدف، ومعنى كلمة "التوبة" هو تغيير "الذهن"، أي تغيير اتّجاه الحياة، طريقة الحياة، للسير نحو الهدف من جديد: أن نشارك الطبيعة الإلهيّة بعيشنا لنمط المحبّة في وحدة لا تلغي التمايز الذاتيّ على صورة الثالوث. يمكن القول بأنّه لا يمكن للإنسان أن يحقّق ذاته كشخص (على مثال الشخص الإلهيّ: الأقنوم) دون محبّة، لأنّها وحدها التي تسمح له أن يكون متّصلا بعمق مع الآخرين دون أن يخسر فرادته، وهذا لا يتمّ إلاّ بحرّية.
ليست الخطيئة في مخالفة شريعة ما، ولا أوامر ولا نواه، ولا شروط خارجيّة، إنّها تكمن في إدارة الظهر للمحبّة، أي في مخالفة الإنسان لتوقه العميق كي يصير "إلهًا"، هذا التوق الجميل الذي زرعه الله فيه. إنّ إدارة الظهر للمحبّة لا يعاقب الله عليها عذابا يرسله الله للإنسان، وإنّما العذاب ببساطة ناتج عن اختبار الإنسان الوجوديّ لهذه الهوّة القائمة بين ما يتوق إليه بكلّ جوارحه، وبين واقعه في الطريق التي اختارها والتي تبعده، قليلاً قليلاً، عن تحقيق هذا التوق؛ هذا التوق إلى التألّه الذي تشير إليه خبرة الأطفال مع الرغبة (كما بيّن كوستي بندلي)، وربّما لأجل هذا قال يسوع أنّ "لمثل هؤلاء ملكوت السماوات" فالأطفال لا يدفنوا نداء قلوبهم في الأشياء كالكبار، وهم حسّاسون للرغبة باللامتناهيّ ولو لم يحقّقوها. بالفعل "الخطيئة هي عدم الإحساس"، ليس فقط عدم الإحساس بالآخرين، ولكن أيضًا - وربّما أساسا- عدم الإحساس بالذات.
لا شيء إلاّ المحبّة، و"لأجل المحبّة قاوم كلّ القدّيسين الخطيئة"، كما كتب مكسيموس المعترف يومًا. وتبقى كلمات يوحنّا العظيمة "كلّ مَنْ يحبّ فقد ولد من الله ويعرفُ الله. ومن لا يحبّ لم يعرف الله، لأنّ الله محبّة".

خريستو المرّ

0 Comments



Leave a Reply.

    الكاتب

    خريستو المر

    الأرشيف

    June 2022
    May 2022
    April 2022
    March 2022
    February 2022
    January 2022
    December 2021
    November 2021
    October 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    August 2020
    July 2020
    June 2020
    May 2020
    April 2020
    March 2020
    February 2020
    January 2020
    December 2019
    November 2019
    October 2019
    September 2019
    August 2019
    July 2019
    June 2019

    Categories

    All

    RSS Feed

 ليس من حبّ أعظم من هذا : أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه: يسوع المسيح
  • الصفحة الرئيسة
  • كتب
  • محاضرات
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة