موقع خريستو المرّ
Arabic | English
  • الصفحة الرئيسة
  • كتب
  • محاضرات
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة

مدوّنة الثلاثاء

العقل ليس مصدر الكبرياء

11/3/2020

0 Comments

 
خريستو المرّ
الثلاثاء 3 تشرين ثاني/نوفمبر 2020
ألكبرياء كارثة روحيّة حقيقيّة ولكن ما هي هذه الكبرياء أصلاً؟ ولأيّ سبب هي سيّئة؟ وما مصدرها؟
يجب دائمًا العودة إلى هدف الإيمان المسيحيّ وإلى ما نسمّيه عمل الله الخلاصيّ. هدف الإيمان هو الاتّحاد بالله اتّحادًا يحفظ تمايزنا عنه وعن بعضنا البعض فنشاركه الحياة الإلهيّة، كنعمة مجانيّة من الله، وهذا ما ندعوه التألّه. لكنّ يسوع بيّن لنا أنّ الله محبّة، بالتالي فإنّ طريقة الحياة الإلهيّة هي محبّة، والملكوت هو محبّة. كلّ ما يجعلنا مُحِبّين أكثر يقرّبنا من الله وكلّ ما يبعدنا عن المحبّة يجب تجنّبه لأنّه يبعدنا عن الله وبالتالي يُبعِدُنا عن نبع أنفسنا: نحن مخلوقون على صورة الله، لا نفرح ولا نكون إلّا عندما نكون منسجمين مع الصورة التي خُلِقنا عليها، أي عندما نكون سائرين في خطّ حياةٍ يجعل المحبّة فينا تنمو، وما المحبّة إلاّ حال الوحدة مع الآخرين في احترام التمايز والحرّية.
 
ما ندعوه الكبرياء في الكنيسة هو موقف الإنسان المكتفي بنفسه، والمنقطع قلبيًّا عن الآخرين: الناس والله. وبالطبع الإنسان قادر على الانشطار الحياتيّ، إذ يمكنه أن يتّبع الطقوس الدينيّة وأن يتصرّف بكبرياء. المهمّ أنّ الكبرياء تنبع من موقف داخليّ للإنسان يهمّش فيه قيمة الخارج المختلف عنه، ويرى ذاته، ومن يشبهون ذاته، منبع كلّ حقّ.
 
الخطأ الفكريّ الذي يرتكبه الكثير من المسيحيين هو أنّهم يوازنون بين الكبرياء والعقل، فينقضّون على العقل ويشكّكون فيه بوصفه منبع الكبرياء وسببها، وهذا هراء خالص لأنّ هؤلاء يستعملون عقولهم للوصول إلى استنتاجاتهم. ولكن أحيانًا يميّز بعضهم مواقفهم فيقولون بأنّ العقل المستقلّ عن الإيمان هو ما يسبّب الكبرياء. وهذا أيضًا هراء، فكم من علماء مُلحدين هم رموزٌ في التواضع والحوار، وللمؤمنين أن يتعلّموا منهم الكثير.
 
نبع الكبرياء الروحيّة لا تكمن في العقل وإنّما في مكان آخر، إنّها تكمن في توجّه نفسيّ يغلق فيه الإنسان على ذاته. ولربّما هناك أمرٌ يمكن أن يكون في أصل الكبرياء: النرجسيّة. فالنرجسيّة بحسب الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة، هي اضطراب في الشخصيّة يترافق مع تضخّم إحساسِ الانسان بأهمّيته، وحاجةٍ مفرطة إلى الاهتمام والإعجاب به، وتوقعات غير معقولة لمعاملة خاصّة، واستغلال للآخرين لتحقيق أهدافه الخاصّة، ونقصٍ فادح في التعاطف مع الآخرين، وحسد دائم من الآخرين؛ هي حالة إنسانٍ غارقٍ في نفسه لا يقيم وزنًا لما هو خارج ذاته (هل يذكّرك ذلك بأحد في محيطك؟).
ليس العقل هو نبع الكبرياء الروحيّة، العقل مجرّد وسيلة للنفس النرجسيّة لتنفيذ مآربها؛ كما أنّ العقل هو وسيلة النفس المـُحِبَّة كي تهتمّ بمحبوبها وتعرفه وتكون مسؤولة عنه بشكل يحترم حرّيته. لكي يواجه الإنسان الكبرياء ويتمكّن من الانطلاق في خطّ المحبّة، يجب عليه مواجهة الأمراض النفسيّة وعلاجها لا مواجهة العقل. الأدبيّات التي تذمّ العقل وتشكّك فيه في الكتابات المسيحيّة لا تفعل شيئًا سوى أنّها تُضعف صورة الله في الإنسان، وتشكّك الإنسان في قدرته على تجاوز أوضاعه، فتُبقيه في مشاكله. لا يوجد لدى الإنسان موهبة أعلى من العقل لكي يستند إليها في بحثه عن سبل تجاوز الكبرياء، وعيش المحبّة-الملكوت في هذا العالم. التهجّم على العقل مُخطئ ومدمّر، فنموُّ العلوم والفكر النقديّ يساهمان في بناء قدرتنا على التمييز، وعلى دعم صورة الله في الإنسان وبناء الملكوت. العقل هو الذي يدلّنا إلى أسباب الظواهر وكيفيّة علاجها، والإيمان يدلّنا إلى الأهداف الروحيّة التي نريد أن نحقّقها بعد العلاج أو خلاله، وكيفيّة تحقيقها.
 
نعم الكبرياء مشكلة روحيّة كبرى، ولهذا هناك ضرورة قصوى لإدخال مكتسبات العلوم، وبخاصّة علوم النفس، في التنشئة الدينيّة، والدراسات اللاهوتيّة، وفي توجيه الشابّات والشباب المقبلين على الرهبنة أو الكهنوت، بشكل يتناسب مع حقيقة نفوسهم. كم من راهب وراهبة وكاهن ومطران يضرّ نفسه وغيره بوضع ذاته في طريق لا تناسبها. وعوض أن نلاحظ حبًّا أكبرَ ينبع منه نجده ينهش في التسلّط والمال، وحتّى في أجساد المؤمنات والمؤمنين(تحرّش)، تعبيرًا عن اضطرابات في الشخصيّة، وتعويضًا عن انتعاش مفقود على أرض الواقع. القليلون فقط سمعوا صوت الله في قلوبهم فأحبّوا أنفسهم واعتنوا بها فتراجعوا عمّا دخلوا فيه. يحتاج المسؤولون في الكنائس في منطقتنا أن يعانقوا العلوم لنخرج من الجهل، ومن فقّاعة فكريّة خياليّة، لكي نحيا معًا في عالم اليوم ونعالج الكبرياء ومآلاتها المدمّرة.
 
نعم تبًّا للكبرياء، ومرحى بالعقلِ في الإيمان.
0 Comments



Leave a Reply.

    الكاتب

    خريستو المر

    الأرشيف

    June 2022
    May 2022
    April 2022
    March 2022
    February 2022
    January 2022
    December 2021
    November 2021
    October 2021
    September 2021
    August 2021
    July 2021
    June 2021
    May 2021
    April 2021
    March 2021
    February 2021
    January 2021
    December 2020
    November 2020
    October 2020
    September 2020
    August 2020
    July 2020
    June 2020
    May 2020
    April 2020
    March 2020
    February 2020
    January 2020
    December 2019
    November 2019
    October 2019
    September 2019
    August 2019
    July 2019
    June 2019

    Categories

    All

    RSS Feed

 ليس من حبّ أعظم من هذا : أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه: يسوع المسيح
  • الصفحة الرئيسة
  • كتب
  • محاضرات
  • الإيمان والحياة اليوميّة
  • فلسطين
  • التزام شؤون الإنسان
  • الإيمان والثقافة
  • كلمات
  • خريستو المرّ
  • مواقع صديقة